الجمعة، 9 ديسمبر 2011

الكتبات فى العصورالقديمة

مكتبات روما في العصر القديم في كل حمام مكتبة عامة

اتصل الرومانيون في وقت مبكر مع الأترسكيين ومع اليونانيين القاطنين في إيطاليا الجنوبية، وتعلموا منهم الكتابة واحترام الكتاب، خاصة خلال الحرب البونية في نهاية القرن 3 ق.م.

حيث أخذت المؤثرات الثقافية اليونانية تفرض نفسها على العالم الروحي للقوة الرومانية الضاربة في حوض المتوسط، لذلك لم يعد القادة العسكريون يعودون الى روما بالعبيد وغنائم الحرب الأخرى بل بمكتبات كاملة نهبوها من المدن اليونانية المفتوحة، فقد حمل القائد لوتسيل أميل معه الى روما مكتبة الحكام المقدونيين في عاصمتهم وذلك سنة 168 ق.م في موقعة بيدنا، أما القائد لوكول فبعد انتصاره على ملك بونت ميتريرات حمل معه الى روما مكتبة غنية، وكذلك فعل القائد سول الذي فتح أثينا سنة 84 ق.م إذ ضم الى غنائمه بقايا مكتبة أرسطو. ‏

هذه الأمور جعلت للكتاب مكانة يحتلها عند هؤلاء القادة العسكريين وفي نظر الشريحة العليا من المجتمع الروماني.



ثم انتشرت المكتبات بشكل واسع في روما، فبعد أن رأى يوليوس قيصر مكتبة الاسكندرية ذهل فقرر أن يبني في روما مكتبة كبيرة عامة على نمطها، وعهد بذلك الى أشهر كاتب روماني في عصره (مارك ت فارون) الذي توفي سنة 27 ق.م، لكن هذه المكتبة لم تنجز بسبب اغتيال قيصر سنة 44 ق.م، لكن بعد عدة سنوات قام بذلك الشاعر والقائد العسكري أذينة بولبون وقد غطى نفقاتها مما غنمه في حربه مع الإليبريين في دالماتيا. ‏

وقد بنى الامبراطور أغسطس مكتبتين كبيرتين، الأولى سنة 28 ق.م على رابية بالاتينا، والثانية بعدها فوراً في سهل مارس على شرف أخته أوكتافيا، وكانتا كغيرهما تضم كل واحدة منهما أقساماً مستقلة للكتب اليونانية والكتب اللاتينية كما كانت تزين المكتبات بتماثيل الشعراء والكتاب والعلماء. ‏

وقد استمر الأباطرة الذين خلفوا أغسطس في بناء المكتبات، فقد أقيمت مكتبة عامة كبيرة في المعبد الكبير الذي بني تكريماً لأغسطس وزوجته ليف، وكذلك بنى الامبراطور تيبر مكتبة تيبر، وبنى الامبراطور فسبازيان مكتبة في معبد السلام الذي بناه بعد انتصاره على اليهود. ‏

أما أضخم مكتبة عامة في روما فقد بنيت سنة 113م من قبل الامبراطور ترايان، ودعيت مكتبة أولبيا وكانت تقع في ساحة ترايان ومازالت آثارها باقية الى اليوم، وهي عبارة عن بناءين متقابلين في ساحة ثرايات بالقرب من ساحة روقانوم التي كانت من أكثر الأماكن ازدحاماً بالمارة. ‏

في ذلك الوقت كانت روما تؤكد مكانتها كأقوى مركز ثقافي في حوض المتوسط، فقد أصبحت المكتبات الضخمة التي أقامها الأباطرة مكاناً يجتمع فيه الشعراء والفلاسفة والعلماء وباعة الكتب، حتى ساحة ترايان التي صممت لتكون مجمعاً للعالم الثقافي المتنوع، لذلك كان فيها بالإضافة الى المكتبة مدرجان على شكل نصف دائرة للمحاضرات والمناقشات وإلقاء الشعر. ‏

مكتبات الحمامات:



وفي عصر الامبراطور ترايان أمر بإقامة مكتبة في حمام عام، وكل ذلك محاولات لتوفير الكتاب للقراء في ذلك الوقت الى ذروتها، وهو بهذا العمل وفر الكتاب للشعب في الأماكن التي يوجدون فيها وبهذا الشكل انتقل الكتاب الى وسط الناس وإلى قلب الحياة عوضاً عن أن ينتقل الناس الى مكتبات معزولة ومحجورة للنخبة المثقفة، وبهذا الشكل صار الكتاب جزءاً لايتجزأ من الحياة اليومية ووقفاً عاماً بأفضل ما في هذا التعبير من معنى. ‏

وقد تابع الأباطرة الآخرون بناء الحمامات على نمط ما قام به ترايان، لذلك نجد مكتبة في حمام كاراكال في بداية القرن 3 م، ومكتبة حمام ديوكلسيان في بداية القرن 4م، وتعد آخر مكتبة عامة بنيت في روما خلال العصر القديم. ‏

وفي الواقع إن إقامة المكتبات في الحمامات هو اختراع روماني، كما أن الحمامات ذات سمة الحضارة الرومانية، فالحمامات في العصر الروماني لم تكن فقط للاغتسال والاستحمام، بل كانت أيضاً مكاناً لاجتماعات التجار، ثم مارست لاحقاً دوراً مهماً في الحياة الثقافية بعد أن أصبحت مكاناً يجتمع فيه الشعراء لإنشاء قصائدهم والفلاسفة والعلماء الذين يستعرضون أفكارهم ويدافعون عنها. ‏

وقد لعب دوراً كبيراً المهندس الدمشقي المعروف (أبولودور) الذي صمم حمام ترايان في جعل الحمام متعدد الأدوار في الحياة اليومية للسكان في روما. ‏

لذلك فقد أدخل أبولودور في تصميم الحمامات قاعات للمكتبة، قاعة للكتب اليونانية وقاعة للكتب الرومانية، وقاعات أخرى للنشاطات الثقافية التي أصبحت تتم تحت سقف الحمامات بالإضافة الى النشاطات الصحية والرياضية. ‏


محمد حسن غنيم
المصدر
http://www.tishreen.info/_enter.asp?...20070207005037

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق